الغانم: كل اجتماع عربي يركز على التضامن خطوة مهمة وليست تجمعات لبيع الكلام وإبداء التعاطفات
أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أن كل اجتماع ومؤتمر وتجمع عربي يركز على قيم التضامن العربي يعتبر خطوة مهمة وليست تجمعات لبيع الكلام وإبداء التعاطفات الفارغة، بل هي ممارسة تنطوي على إصرار محمود في أن يجتمع العرب ويتعاطون مع قضاياهم على إنها قضاياهم الشخصية وليست قضايا الغير والآخر.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها الرئيس الغانم أمام المؤتمر الـ32 للاتحاد البرلماني العربي، المُنعقد حاليًا في العاصمة المصرية القاهرة تحت عنوان (التضامن العربي).
وقال الغانم، في كلمته، اليوم الخميس، إن التاريخ العربي مليء بالأمثلة على أن التضامن العربي أمر حدث مرارًا وتكرارًا، وبآلاف النماذج الفردية للعرب والمسلمين الذين لم يعترفوا بحدود وجغرافيا وهويات في إظهار تضامنهم مع إخوانهم.
وأضاف الغانم: “هناك سؤال دائمًا ما يشغل بالي، ويحضر بقوة، عندما أحضر وأشارك في أي تجمع عربي ويكون عنوانه متعلقًا بالتضامن العربي، هل التضامن العربي حقيقة أم كذبة؟ هل هناك شيء في التاريخ اسمه التضامن العربي؟ أو بعبارة أخرى، هل العنوان الذي أختير للمؤتمر والمتعلق بربط كلمتي ( التضامن والعربي ) عنوان عملي أم هو محض شعار؟”.
وتابع رئيس مجلس الأمة: “الكثير من الناس ينتقون من التاريخ محطات عجز فيها العرب عن ترجمة تضامنهم إلى واقع عملي، يستدعون سقوط الخلافة العباسية في بغداد وسقوط غرناطة واغتصاب فلسطين وغيرها كأمثلة عن العجز العربي والإسلامي، ويحاولون تلقيننا أول دروس النضج كما يتوهمون، فيقولون إنها الجغرافيا والاستراتيجيا والمصالح القطرية وإن العالم لا يُدار بالتضامنات الفارغة والشعارات الفضفاضة والعناوين البراقة العريضة”.
وأردف الغانم قائلًا: “لكنني ولأسباب كثيرة لم أقتنع، وأزعم أن غيري من ملايين العرب والمسلمين لم يقتنعوا، ليس لتهافت المعطيات الواقعية التي ذكرتها، وليس لكوننا أسرى لحنين تاريخي مزيف، بل أعتقد جازمًا، أن رفضي للاستسلام لواقع أن التضامن العربي غير موجود، سببه الأول هو التاريخ ذاته الذي يعج بمئات الأمثلة على ان التضامن العربي أمر حدث مرارًا وتكرارًا”.
واستطرد الغانم قائلًا: “السبب الثاني والأهم هو الإيمان، الإيمان الذي يتعزز عبر التاريخ، بآلاف النماذج الفردية للعرب والمسلمين الذين لم يعترفوا بحدود وجغرافيا وهويات في إظهار تضامنهم مع إخوانهم، إنه شيء فوق السياسة، شرعي وثقافي ووجداني، وفي كثير من الأحيان، شيء فردي وشديد الذاتية”.
وأضاف الغانم: “لن أستعرض هنا مئات الأمثلة لتلك التفاعلات العربية / العربية العابرة للحدود وخاصة على المستوى الشعبي والأهلي، فكريًا وفنيًا وإعلاميًا ورياضيًا وإغاثيًا، وقبل كل شيء التفاعلات السياسية التي وإن كانت في حدها الأدنى، إلا أنها موجودة ومحسوسة ويصعب حجبها وإنكارها”.
وبين الغانم: “علينا أن ننظر إلى التضامن العربي وإن كان لا يرقى إلى مفهوم النصرة العملية أو (التداعي)، كما وصفه الرسول الأكرم، على إنه مهم وفارق ومؤثر”.
وأكد رئيس مجلس الأمة أنه على أن “أسوأ ما قد يصيب المكلوم والمحتاج والمظلوم هو احساسه بأن لا أحد يكترث به، وإنه وحيد في المهب، وإن كل كلمة وإشارة وحركة رمزية ورسالة، تشكل فارقًا مع من يحتاجها”.
ولفت الغانم: “ربما أحداث الشيخ جراح في القدس ليست ببعيدة، فكلنا سمعنا من الفلسطينيين كيف كان التضامن العربي والعالمي معهم، دافعًا فوق دوافعهم الوطنية على الصمود، وأنا شخصيًا وصلتني مئات الرسائل من الأراضي المحتلة، تثني على كل مواقف التضامن، سواء تلك التي خرجت من بلدي الكويت أو من كل الدول العربية الأخرى، لقد كانوا سعداء وممتنين لأنهم أحسوا بأنهم ليسوا وحدهم”.
وأوضح الغانم: “هم يعرفون أن التضامن والتعاطف العربي لن يشكل خللًا وفرقًا في ميزان القوة العسكرية على الأرض، هم ليسوا سذجًا، لكنهم يعرفون أن التضامنات بكل أشكالها البسيطة ترهب العدو، وتقلق راحته، وتقض مضجعه، وتحرجه، وفوق كل ذلك ترفع من معنويات الصامدين”.
وقال الغانم: “إن هذا التفاعل الطبيعي الذي نحسه تجاه بعضنا له اسم واحد فقط لا غير وهو (التضامن العربي) وهو اسم حقيقي جدًا، لشيء حقيقي جدًا، أقول حقيقي لأن التسمية النبوية لهذا الميل الفطري، تركزت على كل مظاهر هذا التضامن”.
وذكر الغانم: “إذا لم يكن التواد والتراحم والتعاطف، تمظهرات للتضامن، فعن أي علامات للتضامن نتحدث؟، ولأن للتواد والتراحم والتعاطف معانٍ تحتاج دائمًا إلى ترجمة عملية، فكانت على الدوام مجسدة على الأرض بشكل واقعي، بدءً من حمل البندقية في أزمنة ما، وانتهاء بالتصدق بالمال، وكتابة رسالة، وحمل لافتة”.
وأشار الغانم إلى أن ما أسماه نبينا الكريم (التداعي) بكل ما تحمله الكلمة من عملية وتعبئة وترجمة، ولأننا في زمن غير جيد على ما يبدو، فلا بأس أن نسميه (التضامن) وهو أضعف الإيمان.
ولفت الغانم إلى “أردت بكلامي هذا أن أذكّر نفسي أولًا، وأذكركم، بأن كل اجتماع ومؤتمر وتجمع عربي، يركز على قيم التضامن العربي، هي خطوة مهمة، وهي ليست تجمعات لبيع الكلام وإبداء التعاطفات الفارغة، كما يريد لنا تجار الهزيمة واليأس أن نقتنع به، بل هي ممارسة تنطوي على إصرار محمود، لأنْ نتجمع دائما كعرب، وأن نتعاطي قضايا العرب أيًا كانت على إنها قضايانا، وليست قضايا الغير والآخر”.
وفي ختام كلمته، أعرب الغانم عن شكره الجزيل لرئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي صقر غباش على حسن إدارته وقيادته للاتحاد البرلماني العربي طيلة الفترة الماضية، متمنيًا لرئيسة مجلس النواب البحريني فوزية زينل كل التوفيق والنجاح في تولي رئاسة الإتحاد بالفترة القادمة.